Cancel Preloader
 الشيوعية في الصين والازدهار المستقبلي

الشيوعية في الصين والازدهار المستقبلي

Loading

الشيوعية الجديدة هي النموذج المناسب الذي تقدمه الصين من أجل الازدهار المستقبلي

احمد مصطفى مدير وصاحب مركز آسيا للدراسات والترجمة

التحديث الصيني في منتدى هونج تينج في القاهرة، الذي عُقد في 24 أبريل 2025 في فندق سانت ريجيس القاهرة، كان بمثابة لحظة محورية في الشراكة المتطورة بين الصين ومصر. واستعرض المنتدى، الذي نظمته وكالة أنباء شينخوا بالقاهرة، نموذج الشيوعية الجديدة في الصين كمخطط للتنمية والنمو الاقتصادي. وأكد المنتدى، الذي افتُتح تحت شعار ”العمل معًا نحو التحديث وبناء مجتمع المصير المشترك العربي الصيني رفيع المستوى“، على الرؤية المشتركة لتعزيز التعاون والازدهار.
وقد أكد المتحدثون الرئيسيون، بمن فيهم السيد ماو لي، المدير الإقليمي لوكالة أنباء شينخوا الصينية، والدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء المصري السابق، وسعادة السفير الصيني لدى مصر لياو لي تشيانغ، على أهمية مواءمة استراتيجيات التنمية في مصر مع جهود التحديث الصينية. وسلطت كلماتهم الضوء على إمكانية تحقيق فوائد متبادلة، والاستفادة من خبرات الصين في البنية التحتية والتكنولوجيا مع الاستفادة من المزايا الجغرافية والاقتصادية الاستراتيجية لمصر.
لقد أصبح نموذج الشيوعية الجديدة في الصين، الذي يمزج بين المبادرات التي تقودها الدولة والابتكار الذي يحركه السوق، حجر الزاوية في نجاحها الاقتصادي. ومن خلال التركيز على التنمية المستدامة والنمو العادل، مكّن هذا النهج الصين من انتشال مئات الملايين من الفقر والظهور كقوة اقتصادية عالمية.
وفي منتدى التحديث الصيني في هونج تينج في القاهرة، أوضح المسؤولون والخبراء الصينيون كيف يمكن تكييف هذا النموذج ليتناسب مع المشهد الاجتماعي والاقتصادي الفريد في مصر. فمن خلال دمج مبادئ التحديث، مثل التحول الرقمي والطاقة الخضراء، يمكن لمصر تسريع مسارها التنموي الخاص بها. كما سلّط المنتدى الضوء على دور التعاون العربي الصيني في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية، مؤكداً على أهمية التفاهم والتعاون المتبادل.
وقد كان المنتدى بمثابة منصة لمصر لاستكشاف كيف يمكن لنموذج التحديث الصيني أن يكمل رؤيتها الخاصة 2030. تتوافق أهداف التنمية في مصر، التي تعطي الأولوية للتنويع الاقتصادي وتنمية رأس المال البشري والابتكار، بشكل وثيق مع تركيز الصين على التحديث الشامل.
وقد شدد المتحدثون مثل اللواء محمد حسين، النائب الأول للوزير بهيئة الاستعلامات المصرية، والسيد عزت سعد، المدير التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية، على الحاجة إلى مبادرات تبادل المعرفة وبناء القدرات. ومن خلال الاستفادة من خبرات الصين في قطاعات مثل الطاقة المتجددة والنقل والاتصالات، يمكن لمصر التغلب على المعوقات الحالية وتحقيق نمو مستدام طويل الأجل.
كمتخصص في الشؤون الآسيوية ومدير مركز آسيا للدراسات والترجمة، كرّستُ حياتي المهنية لفهم القوة التحويلية للهندسة المالية الصينية والثورة المصرفية الرقمية. لم تقتصر التطورات التي حققتها الصين في هذه المجالات على إعادة تعريف المشهد المالي العالمي فحسب، بل وضعت أيضًا معيارًا للاقتصادات الناشئة مثل مصر لمحاكاته.


وقد أدى تكامل المنصات المصرفية الرقمية إلى تمكين الملايين، حيث يستخدم أكثر من 80% من المواطنين الصينيين الآن المدفوعات عبر الهاتف المحمول، مما يدل على إمكانية الشمول المالي والكفاءة. وقد كان لهذه الابتكارات، إلى جانب نظام التعليم المهني القوي في الصين، دور فعال في دفع عجلة النمو الاقتصادي وتعزيز القوى العاملة الماهرة. وبينما تسعى مصر إلى تعزيز اقتصادها، فإن تبني هذه النماذج يمكن أن يفتح فرصاً غير مسبوقة للتنمية والاندماج في السوق العالمية.
تكمن براعة نظام التعليم المهني في الصين في قدرته على المواءمة بين تنمية المهارات والاحتياجات الصناعية، مما يضمن قوة عاملة مجهزة لتلبية متطلبات الاقتصاد سريع التطور. وقد ساهم هذا النهج الاستراتيجي بشكل كبير في نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين، وغالبًا ما يُشار إلى برامج التدريب المهني على أنها حجر الزاوية في نجاحها الاقتصادي.
وبالنسبة لمصر، فإن اعتماد إطار عمل مماثل يمكن أن يتصدى لتحديات البطالة ويمكّن الشباب بالمهارات اللازمة للازدهار في سوق العمل التنافسي. ومن خلال إعطاء الأولوية للتعليم المهني، يمكن لمصر أن تبني أساساً للنمو الاقتصادي المستدام، مما يعكس مسار الصين في تحويل رأس المال البشري إلى قوة دافعة للتنمية الوطنية.
وتُعد ثورة الشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة في الصين دليلاً على قوة الابتكار وأنظمة الدعم الاستراتيجي. وتساهم هذه الشركات بأكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي للصين وهي العمود الفقري لديناميكيتها الاقتصادية. وبالنسبة لمصر، فإن تعزيز نظام بيئي مماثل يمكن أن يطلق إمكانات هائلة، لا سيما في قطاعات مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة. ومن خلال التعلم من نموذج الصين في توفير الدعم المالي والتنظيمي المخصص، يمكن لمصر أن ترعى شركاتها الناشئة وتخلق فرص عمل وتحفز النمو الاقتصادي. ولا يتماشى هذا النهج مع الاتجاهات العالمية فحسب، بل يضع مصر أيضاً كمركز للابتكار في المنطقة.
تمثل عضوية مصر في مجموعة بريكس بلس ومبادرة الحزام والطريق فرصة تاريخية لإعادة تحديد مسارها الاقتصادي. توفر هذه المنصات إمكانية الوصول إلى التمويل بشروط أكثر ملاءمة من المقرضين التقليديين مثل البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي، مما يمكّن مصر من تنفيذ مشاريع البنية التحتية والبرامج الاجتماعية دون عبء الشروط الصارمة.
على سبيل المثال، سهلت مبادرة الحزام والطريق بالفعل أكثر من تريليون دولار من الاستثمارات في البنية التحتية في آسيا وأفريقيا، مما يدل على قدرتها على تحفيز التحول الاقتصادي. وبالاستفادة من هذه الشراكات، يمكن لمصر تأمين الموارد اللازمة لتحديث اقتصادها مع الحفاظ على سيادتها ومواءمتها مع أهدافها التنموية طويلة الأجل.
وبينما أتأمل في المشهد الاقتصادي في مصر، يبرز استحداث نظام مصرفي رقمي موازٍ كمنارة للابتكار. لا تقدم هذه المبادرة استجابة ذكية للتحايل على التعريفات الجمركية فحسب، بل تضع مصر في طليعة الحلول المالية الرقمية. من خلال رقمنة الجنيه المصري، تمهد البلاد الطريق لنظام مالي أكثر كفاءة وأمانًا، مما يشكل سابقة يحتذي بها الآخرون.
ويُعد موقع مصر الاستراتيجي كمركز محتمل للبلدان التي تواجه تحديات التعريفة الجمركية فرصة مقنعة. فمن خلال الاستفادة من مكانتها الجغرافية والاقتصادية، يمكن لمصر أن تبرز كحلقة وصل حاسمة لدول مثل الصين، مما يسهل التجارة السلسة ويعزز النمو المتبادل. ولا يعزز هذا الدور من نفوذ مصر العالمي فحسب، بل يؤكد أيضًا على قدرتها على التكيف والازدهار في البيئات الاقتصادية الديناميكية.
وتؤدي الهندسة المالية دوراً محورياً في تخصيص الموارد بفعالية، مما يضمن أن تكون المشاريع التنموية مؤثرة ومستدامة في آن واحد. ومن خلال توجيه الأموال من خلال استراتيجيات مبتكرة، يمكن لمصر أن تعطي الأولوية للمبادرات التي تدفع النمو والازدهار على المدى الطويل، وتضع معياراً للإدارة المالية الحكيمة في المنطقة.
ويوفر التعاون بين وسائل الإعلام المصرية والوكالات الصينية مثل وكالة شينخوا وسيلة واعدة للتبادل الثقافي والإعلامي. ويمكن لهذه الشراكة، لا سيما في إعادة إحياء مبنى ماسبيرو، أن تعزز جودة الإعلام المصري وانتشاره، مما يعزز مجتمعاً أكثر استنارة وترابطاً. ولا تقتصر هذه المساعي على إثراء المحتوى المحلي فحسب، بل تعمل أيضًا على سد الفجوات الثقافية وتعزيز التفاهم والتعاون.
إن التآزر بين مراكز الفكر المصرية وشينخوا أمر بالغ الأهمية لتعميق الشراكة الاستراتيجية مع الصين. فمن خلال تطوير دراسات حالة شاملة، يمكن لهذه الكيانات تقديم رؤى قابلة للتنفيذ، وتوجيه عملية صنع السياسات وتعزيز التعاون. هذه الشراكة الفكرية هي المفتاح لإطلاق المنافع المتبادلة ودفع الرؤية المشتركة للازدهار إلى الأمام.
وبالنظر إلى المستقبل، فإن الرؤية واضحة: يمكن لمصر والصين تحقيق خطوات ملحوظة من خلال تنسيق الجهود في مجال الصيرفة الرقمية، وتحديد المواقع الاستراتيجية، والتعاون الإعلامي، وتضافر جهود المؤسسات الفكرية. ولا تعد هذه الشراكة بالنمو الاقتصادي فحسب، بل تعد أيضًا بمزيج متناغم من الابتكار والتقاليد، مما يشكل مثالاً ساطعًا يحتذي به الآخرون. المستقبل يحمل وعوداً هائلة، وقد حان الوقت لاغتنام هذه الفرص الآن

MNews