نتنياهو بين الضغوط الداخلية والخارجية
نتنياهو بين الضغوط الداخلية والخارجية وما هو المتوقع
الكاتب والمحلل السياسي يحيى دايخ
تزامن صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية بإدانة رئيس حكومة كيان العدو *بنيامين نتنياهو* ووزير الأمن والحرب السابق *يوآف غالانت* بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والذين باتا مطلوبين بموجها في أكثر من ١٢٠ دولة حول العالم، وبُلغ به أثناء إجتماعه مع الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين.
ولعل هذا التوقيت وهذه المرحلة من أكثر المراحل ضغطاً على نتنياهو، في الداخل على سبيل المثال لا الحصر:
أولاً – الضغط الداخلي لجهة الاتهامات بموضوع إفتضاح أمر التسريبات الأمنية في مكتبه وبالتالي أصبح مطالباً للإدلاء بشهادته أمام المستشارة القانونية للحكومة والمحاكم المختصة ذات الشأن.
ثانيا – الضغط الذي يواجهه بتهم الفساد وآخرها رفض المحكمة العليا طلبه بتأجيل موعد شهادته.
ثالثاً – ضغوط البيئات الاقتصادية والصناعية والمصرفية جراء طول فترة الحرب وفقدان الاستقرار الإقتصادي وتدني التصنيف الاقتصادي لدولة الكيان بسبب صواريخ ومسيرات المقاومة ومحوره.
نتنياهو مجرم حرب
رابعاً – الضغوط الإجتماعية بسبب طول فترة خدمة جنود الاحتياط من جهة، وقضية الأسرى في غزة من جهة ثانية، والنزوح المستمر من المناطق التي تستهدفها المقاومة من جهة ثالثة، والضغوط النفسية على الجبهة الداخلية الناجمة عن مواصلة الإحتماء بالملاجئ ليلاً نهاراً ووو.
خامساً – الضغوط الناتجة عن الزيادة المفرطة في جرحى جيش العدو وخاصة الذين يصنفون بالإعاقات الدائمة، مما يسبب تحول تدريجي في الرأي العام للمستوطنين من مؤيد إلى معارض للحرب.
أما الضغوطات الخارجية فيتمثل أهمها بالتالي:
أولاً – قرار المحكمة الجنائية الدولية بإدانته وما يستتبعه هذا القرار من إزعاج كبير يؤثر على برامج زياراته الخارجية ومحطات إستراحاته، خاصةً وأن غالبية الدول الأوروبية أبدت إلتزامها بنص القرار.
ثانياً – فشله لغاية اللحظة في تحقيق أي مكاسب ميدانية في لبنان تمكنه من فرض شروطه في المفاوضات الجارية، بل العكس الإرتفاع المطرد في عدد القتلى والجرحى في صفوف ضباط وجنود جيش العدو هذا من جهة، والإزدياد بالكم والنوع والحجم والعمق في إستهداف الأراضي المحتلة من الحافة الأمامية إلى تل أبيب وما بعد تل أبيب من جهة أخرى.
ثالثاً- البحث عن أي إنجاز ممكن أن يعزز ثقة الإدارة الأمريكية الجديدة بحكومته أمام معارضة الداخل.
رابعاً – إزدياد التحول النوعي من التأييد للكيان المؤقت إلى رفض ومناهضة سياساته وحربه على غزة ولبنان عند الشعوب الغربية واللاتينية وتطور هذا التحول ليصل إلى بعض الحكومات الغربية واللاتينية، وبالتالي يجعل الكيان المؤقت يشعر بالعزل والمقاطعة مما ينعكس على علاقاته الديبلوماسية الخارجية وعلاقاته مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وهذا ما شهدناه في آخر مشروع قرار لوقف الحرب في غزة دون قيد أو شرط في مجلس الأمن والذي أيدته ١٤ دولة منهم ٤ دول دائمة مما أجبر الأمريكي على إستخدام حق النقض *”الفيتو”.
أمام حجم وسعة هذه الضغوط عليه وعلى حكومته يتمظهر سؤال عن الكيفية أو الإستراتيجية التي يمكن أن يلجأ إليها للخروج من أزماته، وإنطلاقاً من هذا السؤال وبحكم التجارب والمقاربات السابقة، يمكن توقع عدة سيناريوهات أهمها:
الأول – محاولة الهروب إلى الأمام بإتجاه توسعة رقعة الحرب لتشمل رفع وتيرة الإستهدافات في سوريا وإستهدافات في العراق وإيران، مما يقدم لحرب إقليمية في المنطقة يورط بها الأمريكي. وبالتالي يتمكن من الهرب من ملاحقات الداخل تحت الذريعة الأساسية لحربه في غزة ولبنان المسماة “الحرب الوجودية” والتي يتوخى من نتائجها التغيير في وجه المنطقة بحسب أعتقاده.
الثاني – العمل على عقد إتفاقيات لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان ضمن شروط معينة يحاول من خلالها إرضاء إئتلافه الحاكم والمعارضة والشارع، مما يتيح له:
– التخفيف من الضغط الداخلي (الوارد أعلاه).
– إهداء الإدارة الأمريكية الجديدة هذه الإتفاقات، مما يساعده على كسب ثقتها ومساندته مستقبلاً إن لجهة المعارضة الداخلية أو في تنفيذ ما يضمره للضفة الغربية والملف الإيراني، بالإضافة لتمييع قرار المحكمة الجنائية الدولية.
الثالث – المماطلة والتسويف في مفاوضات وقف إطلاق النار، بإنتظار ما ستقدمه الإدارة الأمريكية القادمة من حلول وخاصةً أن التركيبة الإدارية لها موالية لإسرائيل كما بات معروف.
من خلال السردية أعلاه يتبين أن الميدان وضغط المقاومة على الأرض والذي ينعكس على كافة ركائز الكيان العبري من عسكرية وأمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، هو من له الكلمة الفصل في إيقاف الحرب من عدمه.
فالمعادلة الذهبية هي *”كلما تألم العدو، كلما بات الحل أقرب”.
قطعاً سننتصر
