نبيه بري: صوت الأرض ووجدان الوطن

نبيه بري: صوت الأرض ووجدان الوطن
د. بتول عرندس
من لا يعرف نبيه بري، فليعرف
أنه ليس مجرّد اسمٍ في سجل القادة، بل روحٌ تمشي على دربٍ وعر، لتزرع الأمل في قلب وطنٍ أنهكته المحن. هو الأرز الذي لا ينحني، والسفينة التي لم يغرقها بحرُ الأزمات، رجلٌ كُتب في جبينه أنه للجنوب حارسٌ، وللبنان قائدٌ، وللمقاومة درعٌ يحمي كرامتها.
حين عصفت الرياح الهوجاء بلبنان، كان نبيه بري السدّ الذي كسرت عليه المؤامرات، والصخرة التي حطّمت محاولات الفتن. في زمنٍ عزّ فيه الرجال، كان هو الحكيم الذي حمل أوجاع الأرض، ووجّه السفينة وسط الظلام إلى مرفأ الأمان.
هو رجل الدولة الذي لم يخف من العواصف، حين انحنى الآخرون، وقف هو شامخًا كالأرز، راسخًا كجبلٍ يرفض الانهيار. في أصعب اللحظات، حين تصدّعت السياسة، جمع الفرقاء كأبٍ يحنو على أبنائه، وأعاد للوطن نبضه يوم ظنّ الجميع أن النبض قد توقف.
نبيه بري هو صوت الجنوب الذي حمل صرخات الأرض وهمساتها. حمى المقاومة وشرعيتها، وصان كرامة الوطن حين حاول الأعداء تدنيسها. يوم اجتاحت النيران حدودنا، وقف سدًا منيعًا بوجهها، وحين حاولت الفتن أن تغرس أنيابها في جسد الوطن، كان هو الجسر الذي وحّد اللبنانيين.
حين ساد الركام في الجنوب، نهض نبيه بري، لا بالطوب والحجارة فقط، بل بحكمةٍ تضيء دروب البناء. صنع من الجنوب قلعةً صلبة، عصيةً على الانكسار، وأعاد الحياة إلى القرى التي حاولوا طمسها. الجنوب في عهده لم يكن مجرد أرض، بل رمزًا للوطنية والصمود.
نبيه بري لم يكن زعيم طائفة، بل رجل وطن. مرجعيته السيد السيستاني جعلته ينهل من معين الحكمة، ويجعل من الاعتدال سبيله. في زمن الانقسامات، كان هو ميزان التوازن، ووحّد الصفوف حين تفرّقت القلوب. كان سدًّا منيعًا بوجه الحصار، وحاميًا للأرض والمقاومة، حتى باتت راية لبنان خفاقةً فوق كل المؤامرات.
اليوم، لبنان يفتح صفحة جديدة، لكنه لا ينسى أن للصمود رجالًا صنعوا تاريخه، ونبيه بري أحدهم. هو رجلٌ يعلّمنا كيف تكون السياسة موقفًا، والحكمة بصيرةً. هو الروح التي تحفظ للبنان وحدته، وهو الوطن حين كاد الوطن أن يضيع.
لبنان الأمل ينهض من بين الحطام، ومع نبيه بري سيبقى شامخًا، عصيًا على الانكسار، وطنًا للحب والصمود كما عهدناه دائمًا.
رسالتي إلى دولة الرئيس نبيه بري
إلى الرجل الذي يحمل الوطن على كتفيه، إلى من جعل من الجنوب قلعة صمود ومن لبنان وطنًا للحياة، أقول: نحن أبناء هذه الأرض، نحمل أمانة ما صنعتموه، وسنبقى أوفياء لمسيرتكم. لبنان، بكم وبمنهجكم، سيظل عصيًا على السقوط، شامخًا كالأرز، قويًا كقلوبنا التي تنبض بالحب للوطن.
أود أن أضيف هنا أن والدي، الذي علّمني حبك، كان دائمًا يردد في أذني: “نبيه بري رجل الموقف”. واليوم، وبعد كل هذه السنوات، أستطيع أن أفهم تمامًا ما كان يعنيه. كانت كلماته إشراقة، واليوم تأكدت من صدقها وقوتها، فأنت بالفعل رجل المواقف التي تُخلّد في ذاكرة الوطن.
رأي عام ينحني للتاريخ
أكتب هذا وأنا أحمل وطني في قلبي، وأرى فيكم صورة الأمل والصمود. أرجو أن تصل هذه الكلمات إليكم، لتعلموا أن في كل بيت لبناني، صوتًا يفتخر بكم، وإيمانًا بصوابية مسيرتكم. أنتم الحارس، ونحن الأمانة.
