
ما بين وقف إطلاق النار وعودة الحرب
ما بين وقف إطلاق النار وعودة الحرب
مهدي شكر
بعد اندلاع الحرب الضروس بين اسرائيل وحزب الله أيلول 2024 في الداخل اللبناني التي أدت إلى استهداف البنى التحتية اللبنانية وشن غارات همجية على كل المناطق اللبنانية دون استثناء
واغتيال الصف الاول من القيادة العسكرية اضافة إلى الأمينين العامين وصلت الحرب بين الطرفين إلى طريق مسدود ، لم تستطع اسرائيل التقدم اكثر مما تقدمت به، فهي بطبيعة الحال لم تستطع التقدم برا في الجنوب لأن حزب الله كان يقاتل بشراسة على الأرض ويمنعها من التقدم، كذلك كأن السلاح البالستي لم يدخل المعركة ليحرز تقدما ملحوظا في العمق الإسرائيلي.
هنا صار حزب الله على مفرق طريق . اما ان يكمل الحرب التي باتت عبثا . او ان يستنقذ شعب لبنان كل الشعب ويعض على الجراح .
بادر رئيس مجلس النواب نبيه بري المفوض من قبل حزب الله إعادة إحياء اتفاقية ١٧٠١ .
هنا قد لا يستطع حزب الله الدخول في معركة إسناد اخرى وذلك لعدة أسباب ذات مفاصل تاريخيّة سوف نتطرق لها ضمن الآتي:
بعد حرب ال ٢٠٠٦ بين حزب الله واسرائيل ظهر الحزب كمقاومة شريفة واسرائيل ككيان معتد وهمجي .
عملت اسرائيل بعدها على خطين اثنين ، الاول هو محاكمة النفس ( الفينوغراد) ، والثاني كيفية كسر حزب الله بأي طريقة. وصرح أحد المسؤولين العسكريين الاسرائليين الكبار بعد حرب تموز: حزب الله كخشب الأبنوس لا يمكن قطعه بالفأس بل علينا أن نضع سوسة فيه، وهذه السوسة هي المال والمخدرات والأخلاق
عملت اسرائيل على الاغتيالات الأمنية وجرت عملية اغتيال الشهيد عماد مغنية في شباط ٢٠٠٨ .
في نفس السنة جرى استدراج حزب الله إلى مكيدة داخلية وهي أزمة الخط الداخلي، جرت مواجهة عسكرية بين حزب الله وأحزاب اخرى التي بدأت في ٧ أيار وانتهت بعد ثلاثة أيام بتفوق حزب الله العسكري في لبنان وأفضى المتواجهون إلى اتفاقية الدوحة.
لا تزال اسرائيل مصرة على كسر حزب الله، بدأت الأزمة السورية التي تحولت من مدنية إلى مواجهات عسكرية ، مما تسبب في حرب اهلية داخلية، أثناءها جرى اغتيال مصطفى بدر الدين سنة ٢٠١٦ ، ومحاصرة حلب والقرى الشيعية ومحاولة فصل سورية عن لبنان بعده، إلى ان دخل الشهيد قاسم سليماني بالجيش السوري وفك الحصار عن حلب بالقوة العسكرية سنة 2019.
عملت الولايات المتحدة الأمريكية على زعزعت الاستقرار الداخلي لكل من البلاد التالية وهي ايران ، العراق ، ولبنان في مظاهرات مشبوهة تطالب بسقوط الأنظمة . حيث لم يسلم حزب الله من هذه التظاهرات التى حملت شعارا أبرز وهو “حل الحزب وتسليم السلاح” .
إغتالت الولايات المتحدة قائد محور المقاومة في 3 كانون الثاني سنة 2020 “قاسم سليماني” . ولم تفلح في لبنان، فبدأت بزعزعة الاستقرار المالي في فيه سنة ٢٠٢٠ .
في ٤ آب ٢٠٢٠ جرى تفجير المرفئ الذي كان المتوقع ان يكون بوابة الحرب الإسرائيلية على لبنان كما قال يؤاف غالانت سنة ٢٠٢٤ .
معركة طوفان الأقصى 2023 بدأت بعد رصد حثيث لدى حماس الذي عقبه اختراق المنظومة الخلوية الاسرائيلية وكشف ملفات بالغة الأهمية الأمنية والأمنية العسكرية والتي تظهر نية إسرائيل ودول خليجية بالقضاء على فلسطين واختلاق قناة مائية تجارية موازية لخط الحرير الصيني.
بالإضافة إلى اختطاف اكثر من ١٥٠٠ اسرائيلي بين جندي ومواطن والتي تزامن معها، ساند حزب الله حماس من الجبهة الشمالية لفلسطين، لتتحول بعدها لجبهة حرب كبرى مفتوحة على أوسع نطاق بعد تنفيذ العدو سلسلة من الغارات العنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية ومختلف المناطق اللبنانية تزامنا مع العديد من الخرقات الأمنية وذلك بسبب تسخير اتحاد دول شمال الأطلسي واميركا الأقمار الصناعية العسكرية لاسرائيل فوق الأراضي اللبنانية، هنا تم الرصد والخرق والملاحقة والتتبع .
أدت الخروقات الأمنية بدورها إلى اغتيال قيادات الصف الاول بالإضافة إلى الأمينين العامين السيد حسن نصرلله والسيد هاشم صفي الدين. وكل هذا اتي بعد ان علمت اسرائيل ان أسلحة مختلفة لحزب الله لم تعد صالحة.
بناء على ما تقدم، قرار الحرب اليوم ليس كما قبل طوفان الأقصى؛ إذ إن متغيرات جديدة دخلت إلى الحسبان، منها الوضع السوري والحكومة الجديدة، اضافة الى الحرب المباشرة بين اليمن والولايات المتحدة، كذلك محاصرة وتحجيم حزب الله في لبنان من عدة محاور وعلى مختلف الأصعدة.
ولا ننسى ملف الإعمار وعودة اهالي القرى الى بيوتهم ومؤسساتهم، مما يشكل عبئا ثقيلا على الحزب وشعبه من جهة، وعلى لبنان وحكومته ورئاسته اللتين أعطاهما الحزب نفسه ثقته من الجهة الأخرى.
هل الحرب قريبة؟
الجواب ببساطة : حزب الله لم يخف يومًا من حرب لكنه يخاف على دولته وشعبه ومؤسساتهما.
