سوريا … بين حلم الدولة و كابوس الدويليات !

سوريا … بين حلم الدولة و كابوس الدويليات !
نقتبس الغد من أمس مرير ، وتُعاد الاشرطة نفسها لأن الغباء نفسه و العقول مغلقة و البصر لا يتخطى الأنف ، كقطعة جبنة تُقسم المناطق و الشعوب و تغربل الملل ، ما يروق اسرائيل يكون ولو بعد حين …
باختلاف لون الفجر القادم ، تبقى اسرائيل الرابح الأكبر ، الرابح الأكيد مما حدث ، لقد سرقت النور قبل بزوغه ساحات الحرية ، و برهنت للمرة المئة بعد الألف أنها كيان توسعي عنصري …
مع شعارات الحرية و نشوة قلب النظام الحاكم مررت اسرائيل بمساعدة اقليمية سياستها التوسعية و اغلقت الستار على آخر نظام عربي مناهض لعنصريتها .
ما إن تبدلت ألوان الجمهورية حتى أجهز سلاح الجو الاسرائيلي على ما تبقى من اسلحة ثقيلة قد تربك حسابات الاستيطان الصهيونية و بات صفحة الجيش العربي السوري مطوية للأبد ، لن تحلم دولة عربية بترسانة دفاعية و هجومية على غرار ما امتلكه الجيش السوري ما قبل السابع من ديسمبر الحالي . وللمفارقة أن سلاح هذا الجيش هو ملك هذا الشعب الثائر و ليس ملك أي نظام سابق أم لاحق …
على سبيل الحكمة و الوعي ، أن يدرك حكام سوريا الجدد أن المنطقة العازلة و مرتفعات جبل الشيخ و هضاب الجولان هي نتيجة دماء أبناء هذا الشعب و التفريط بها كالالتفاف حول عنقه طرد الظلم الداخلي على حد اعتبارهم لا يبرر استقدام ظالم خارجي ، مهما كانت ظروف المرحلة الانتقالية يجب أن يدرك اليمين الصهيوني أن الاستيطان في الجولان سيواجه بالنار لا الأرز .
بما أن الحالة السورية هي آخر تجارب ما يسمى الربيع العربي ، يجب أن يتفادى هذا الشعب نموذجي ليبيا و مصر و أن يواجهوا التقسيم الذي عانت منه اليمن و أن يقتربوا من حالتي العراق و تونس في الوحدة مع مزيج من خبرات الماضي ، و ان لا يتماهوا بالحرية ، فالحرية المطلقة تعنى الفوضى و القبضة المحكمة تزرع الحقد.
بين هذا و ذاك ، بين الداخل و الخارج ينتظر السوريين محطات حاسمة قد تعيدهم ادراج التخلف أو قد تدفعهم لملاقاة “المواطنية الحقيقة ” فتنصهر الجماعات باختلافها مع فكر الدولة الحاضنة للطوائف و الآراء و المعتقدات كافة و تنطلق ورشة إعمار و استعادة ثروات الدولة من الاحتلال باختلاف جنسيته …
في صفحات الثأر و بين اسطر المعارضة و الموالاة ، وحدها الدولة الحاكمة العادلة ستحكم نزاع السنين فيتحول صراع الافكار و المبادئ الى صناديق اقتراع تكتم اصوات النار و المدافع و الجحيم . فالحقيقة الاكيدة أن تعافي سوريا الجديدة سيثلج قلوب الموالين قبل المعارضين للنظام السابق ، كما نحذر من تعثر الخطوة الأولى و فتح آفاق التدخل الخارجي الذي مهما كان ايجابيا سيكبل السيادة الوطنية و سيربك السياسة الخارجية السورية في بناء جسر ودي متقارب مع الدول الاقليمية و الدولية علي حد السواء .
محمد ناصرالدين
