
بين عوكر وعنجر
د.نزيه منصور
على إثر الحرب الأهلية وانعقاد مؤتمر الطائف في المملكة العربية السعودية، وحضور معظم أعضاء المجلس النيابي، وبدعم دولي تتقدمه الولايات المتحدة الأميركية، تم تكليف سوريا برعاية تنفيذ اتفاق الطائف وعيّن الرئيس السوري حافظ الأسد آنذاك غازي كنعان كرئيس لجهاز الأمن السوري في لبنان، وتبعه رستم غزالة، واتخذ من بلدة عنجر المحاذية للحدود السورية مقراً لإدارة الملف اللبناني، حيث تحولت إلى محجة الطامحين من الفخامة والدولة والمعالي والسعادة والقوى الأمنية، وقس على ذلك لأخذ البركة. وسار الجميع على السكة، وانتخب ثلاث رؤساء من رينيه معوض الذي استش.هد في أقل من شهر بعد انتخابه، وفي أقل من أسبوع انتخب الياس الهرواي وتم التمديد له ثلاث سنوات بدعم عنجري، وشُكلت الحكومات قبل ما يسمى الاستشارات. وفي سنة ١٩٩٨ كانت الرئاسة من نصيب إميل لحود ومُدد له ثلاث سنوات بعد انتهاء ولايته بأمر أسدي. ولم تحصل فراغات في أي موقع أو مفصل من مفاصل الدولة والأجهزة الأمنية والإدارات والمؤسسات…!
وبالعودة إلى ما بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان، بناءً على القرار ١٥٥٩ وحراك ١٤ آذار واغتيال الحريري، بدأت ولاية السفارة الأميركية عبر السفير الأميركي، وأضحى محجة لمعظم السياسيين وحراك الشارع اللبناني، وهكذا كرت السبحة ممن تبعه من السفراء، وأصاب البلد أزمات مع كل استحقاق رئاسي حكومي نيابي إداري أمني، حتى كان الانهيار الاقتصادي والمالي والفراغ الرئاسي والحكومي والفراغ في مختلف الإدارات والمؤسسات. ولما فشل الجميع في الاستحقاق الرئاسي، تدخلت الإدارة الأميركية وتكرمت بمندوبها هوكشتاين الذي أمر بتحديد موعد نهائي لملء كرسي بعبدا. وبالفعل سمع الجميع الكلمة وكان جوزيف عون رئيساً وبدأت أزمة تكليف رئيس حكومة. ومن دون سابق إنذار هبط الوحي الأميركي بتكليف نواف سلام، وبرزت أزمة تشكيل الحكومة، وإذ بمندوبة واشنطن الصهيونية وبكل وقاحة من على منبر المقام الأول من بعبدا تبث حقدها وكراهيتها لأشرف فريق لبناني الذي ضحّى وروى الأرض اللبنانية بدماء أبنائه وحررها من رجس الاحتلال، وتطلب من المعنيين تشكيل الحكومة، فاستجيب الأمر، وبذلك أخذ العهد العوكري مساره…!
ينهض مما تقدم، أن لبنان عاجز عن الإدارة الذاتية، فتاريخه السياسي سجّل فشل دائم مع كل استحقاق، وأثبت أنه يحتاج إلى رعاية أجنبية وآخرها مرجعية اميركية بامتياز…!
وبناءً عليه تطرح تساؤلات منها:
١- ما الفرق بين عنجر وعوكر؟
٢- هل الوصاية الأميركية تخدم مصلحة لبنان؟
