
النصف من شعبان ليلة النور
يا ليلة النصف، يا موطن النور، يا مولد الرجاء!
د بتول عرندس
يا ليلة النصف، يا موطن النور، يا مولد الرجاء!
أما آن للقلوب أن تُبعث من سباتها، كما يُبعث في هذه الليلة النور من رحم الغيب؟ أما آن للأرواح أن تخلع عنها رداء الزيف، كما تُخلع عن الأرض ظلمة الليل؟ إن كانت هذه الليلة ميلادًا لمن يُقيم العدل ويملأ الأرض قسطًا، فلتكن أيضًا ميلادًا لك، ميلادًا لقلب جديد، لروح طاهرة، لصفحة لم يخطّها القبح ولا دنّستها الأذية.
كيف تأتي؟ وكيف ترفع يديك؟
كيف تخطو نحو الضريح وأنت مليء بالظنون السوداء، وأنت أثقلت روحك بظلمٍ لم تغفره الأيام؟ كيف تبكي على مظلومية الحسين، وفي قلبك حقد على أخيك؟ كيف تلهج باسم صاحب الزمان، وأنت قد قطعت صلة رحم، وأكلت مالًا ليس لك، وخدعت، وكذبت، وتزيّنت للنفاق؟ بأي وجه ستقف تحت القبة، بأي عين سترفع نظرك إلى السماء؟
طهر قلبك قبل أن تسافر إلى النور!
لا تقطع المسافات، لا تقضي الساعات، لا تسابق الزمن للوصول إلى الحسين، وأنت لم تصل إلى نفسك بعد! قبل أن تتعلّق بأستار الضريح، تعلّق بأهداب الرحمة، اغتسل بماء التوبة، واغسل يديك من أموال الآخرين، طهّر لسانك من الزيف، نظّف قلبك من الحقد، وامحُ من سجلّ روحك كل خطيئة كانت حاجزًا بينك وبين الله.
ليلةٌ لا تشبه غيرها، فكن أنتَ إنسانًا لا يشبه ماضيه!
اجعلها ليلة ولادتك الجديدة، لا تدعها تمرّ كما مرّت غيرها، لا تجعلها ذكرى تُنسى مع شروق الشمس. هذه ليست مجرد ليلة، بل باب فُتح لك، فلا تضيّع فرصة الدخول. أغمض عينيك الآن، وانظر إلى نفسك… هل ترضى أن تبقى كما أنت؟ هل يسعك أن تستقبل نور الإمام، وأنت تحمل ظلمة قلبك؟
يا صاحب الزمان، يا من وُلدت في زمن الغيبة، وُلدنا الليلة معك!
نعاهدك أن نكون أقرب إلى الله، أن نهجر ما نهانا عنه، أن نصلح ما أفسدناه، أن تكون سنة النور، سنة القرب، سنة الصدق، سنة الطهارة، سنة لا يقطعها كذب، ولا يشوبها حقد، ولا تدنسها أموال حرام.
فلنُولد الليلة من جديد… بقلب أبيض، بطريق مستقيم، بسعي نحو الله، بوجه لا يخجل أن يرفعه يوم اللقاء.
