اللقاء الوطني الإعلامي: قراءة في الموقف العسكري والإستراتيجي في مواجهة العدوان الإسرائيلي.
التطورات العسكرية والأستراتيجيّة على جبهة الجنوب اللبناني: مقاومة حزب الله ترد على محاولات التوغل الإسرائيلي
أ- الموقف العسكري
يمكن اعتبار تاريخ ١٧ سبتمبر ايلول ٢٠٢٤ بداية للحرب الاسرائيلية على لبنان ، حين فوجئ حزب الله بحجم الاختراق الامني والتقني لاحدى وسائل الاتصالات الهامة PAGER والأغرب انه في اليوم التالي وقع هجوم آخر على الاجهزة اللاسلكية ICOM ما نجم عنه سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى. قبل ان يلملم الحزب أوضاعه تصاعدت اغتيالات القادة لتصل ذروتها باغتيال الامين العام الشهيد السيد حسن نصر الله وبعدها اغتيال الشيخ نبيل قاووق ثم اغتيال السيد هاشم صفي الدين
في هذه الاثناء كانت الجبهة في الجنوب المشتعلة تستمر في الاشتعال ومقاتلو حزب الله يتابعون تنفيذ خطة العمليات وبدا انهم يحتفظون بالقيادة والسيطرة اللازمة تمثلت في الاستطلاع واتخاذ القرار بضرب اهداف وتكليف وحدات مختصة بتنفيذ الضربات
بعد الضربة الايرانية في اول اكتوبر والرد الاسرائيلي في ٢٦ اكتوبر دخلت المنطقة في مواجهة إيرانية اسرائيلية وبتنا نترقب جولة جديدة من هذه المواجهة لا بد وان لها تأثير على المعركة الجارية في لبنان
يمكن بعد هذه الفترة من القتال العنيف ان نستخلص طبيعة المعركة ومميزاتها
١- بدأت اسرائيل الهجوم البري على لبنان وهي تعتقد ان صفوف حزب الله قد تضعضعت جراء الاغتيالات التي طاولت قياداته فوضعت سقفا سياسيا عبر عنه نتنياهو وهو اعادة تشكيل الشرق الأوسط كما تريد اسرائيل ،وسقفا عسكريا هو احتلال المنطقة جنوب الليطاني واحيانا احتلال شريط بعمق ٥ كلم عن الحدود
٢- لهذه الغاية بدأت اسرائيل هجوما على محور عديسة لأكثر من سبع مرات من دون ان تحقق خرقا ثم وسعت الالتفاف الى الطيبة ورب ثلاثين ومركبا في محاولة لإحداث خرق في صفوف المقاومة والتقدم باتجاه علمان ودير السريان ثم نهر الليطاني والتقاط صورة النصر .تكررت هذه الهجمات والمواجهات وشملت تدمير المنازل التي وصلت اليها القوات الاسرائيلية من اجل ضرب المعنويات والتحدث عن نصر معين
٣- كما جرت محاولات خرق متكررة على محور عيتا الشعب القوزح رامية بغية احتلال رأس جسر تتقدم منه القوات الاسرائيلية إلى بنت جبيل حيث تتمنى التقاط صورة نصر هناك
٤- حاولت القوات الاسرائيلية احداث خرق في مارون الراس و يارون ومشارف عيثرون وتكررت المحاولات من دون ان تحقق احتلالا لاي قرية ولتكتفي بالتقاط صور في حديقة مارون الراس
٥-حاولت القوات الاسرائيلية التقدم في محور ميس الجبل محيببب وبعدها الى أطراف حولا وقامت بتدمير مقام ديني في محيبيب ومنازل عديدة فيها و في ميس الجبل ايضا،
لكنها لم تحقق اي نجاح سوى تدمير شديد لمنازل القرى.
٦- على محور اللبونة الناقورة استغلت اسرائيل قرب المنطقة من الساحل وامكانية تدخل الاليات وخصوصا الدبابات لكنها فوجئت بمقاومة ضارية من مقاتلي حزب الله الذين دمروا عددا كبيرا من الدبابات ظهر قسم منها وهو يحترق مباشرة على شاشات الفضائيات
٧- فصفت القوات الاسرائيلية شبعا وكفرشوبا في محاولة منها للتوغل على محور قرى العرقوب نزولا إلى الهبارية والفرديس والوصول الى سوق الخان للالتفاف على المقاومة من الشمال . بقيت نوايا اسرائيل على هذا المحور نظرية واقتصرت على القصف الجوي والمدفعي ولم تتطور إلى تقدم للقوات خشية التعرض لخسائر فادحة بسبب طبيعة الارض الوعرة وما ظهر من مراس المقاومة في القتال الجبلي
٨-محاولة الخيام التي دامت نحو خمسة ايام وشملت التسلل من الوديان الى المرتفعات الشرقية ومحاولة التقدم من الجهة الغربية لحصار البلدة لكن المقاومة تصدت بنيران كثيفة وأرغمت القوات الاسرائيلية على الانسحاب باتجاه سردة و وادي العصافير واوقعت القوات الاسرائيلية في كمين محكم في باب الثنية من الجهة الشمالية الغربية وفتكت بالعناصر الاسرائيلية واكد شهود عيان في جديدة مرجعيون سماع صراخ المصابين الاسرائيليين في هذا الكمين . وعلى اثرها انسحبت القوات الاسرائيلية من محيط الخيام بعدما ارتكبت مجزرة في وطى الخيام بحق رعاة من الوزاني كانوا قد اثروا البقاء هناك مع ماشيتهم
كل هذه المحاولات كانت تسبقها وترافقها مساندة جوية من الطيران الحربي وضربات مدفعية كثيفة على ما تعتقده القيادة الاسرائيلية مواقع المقاومة . ورغم ذلك كان تمركز المقاومة وجهوزيتها يسمح لها بتنفيذ خطة عمليات محكمة للتصدي لمحاولات الخرق وإحباطها
اضافة الى مواجهة العدو برمايات الصواريخ والأسلحة المضادة للدروع والأسلحة الرشاشة ،عمدت المقاومة إلى قصف تحشد العدو في المستوطنات التي أعلنت القيادة الاسرائيلية اعتبارها مناطق عسكرية والتي تحولت الى قواعد انطلاق لتنفيذ هجمات بهدف تحقيق اختراق للحدود
نسمع بشكل متكرر بيانات عن قصف المستوطنات المطلة والمنارة ومسغاف عام وكريات شمونة وكفار جلعادي وكفار يوقال وشلومي ودلتون وموقع المرج وموقع جل العلام وغيرها، هذا القصف هو عبارة عن قصف لقواعد انطلاق القوات الاسرائيلية التي تنوي مهاجمة القرى اللبنانية الوضع العسكري على الجبهة البرية متين ومتماسك
ب- الموقف الاستراتيجي
لا شك أن نقطة ضعف لبنان والمقاومة وجمهورها هو انكشاف الاجواء اللبنانية بسبب عدم توافر اسلحة الدفاع الجوي في لبنان ما سمح للقوات الجوية الاسرائيلية بحرية العمل ومكنها من قصف الاف الاهداف في الضاحية والجنوب والبقاع وبعض مناطق جبل لبنان . هذا القصف بالإضافة الى النزوح شكل عبئا على لبنان تعمل كل الجهات المعنية بالمساعدات والإيواء على التخفيف من أضراره
في جانب آخر تطور المقاومة عملياتها تدريجا وبدات تلحق الاضرار بالعدو . اعتمد حزب الله منذ ٨ اكتوبر استراتيجية الاكتفاء بضرب الاهداف العسكرية وعدم التعرض للأهداف المدنية والحيوية ( كهرباء. نفط ، غاز ..) رغم تمادي العدو بقصف المدنيين واكد مؤخرا الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم على هذه الاستراتيجية مشددا على ” اننا نقاتل بشرف”.هذه الاستراتيجية بدات تؤثر على العدو وخصوصا بعدما تحولت حيفا الى كريات شمونة وبات الجليل من محيط حيفا إلى الحدود اللبنانية منطقة عمليات حربية غير امنة
تعاني القيادات الاسرائيلية من فقدان الاهداف لهذه الحرب، لم تعد عودة النازحين هدفا ولم يعد القضاء على حزب الله هدفا ولم تعد اعادة تشكيل الشرق الأوسط هدفا ولا مجال لاتفاق وقف إطلاق النار بالالتزام بالقرار ١٧٠١ كما يريد ولا مجال لإملاء شروط على لبنان
في المقابل تعتمد المقاومة استراتيجية الحرب الطويلة وتصعيد الهجمات تدريجا بهدف إنهاك العدو تمهيدا لانهيارات في صفوفه بدأت طلائعها تظهر الخسائر الجسيمة في في الأرواح والعتاد العسكري وفي اغلاق قطاعات اقتصادية هامة والى تعثر قطاعات اخرى اهمها التكنولوجيا العالية Hi Teck وزيادة الهجرة من البلاد
بعدما شهدنا توجيه مسيرة الى غرفة نوم نتنياهو ومسيرة اخرى الى صالة عشاء لقوات غولاني بدأت الشكوك تسري في أوساط سياسية وإعلامية عديدة ودعوات غير مسبوقة لتسوية النزاع افضل من عبر عنها رئيس تحرير جريدة هآرتس أموس شوكين
توفر استراتيجية الحرب الطويلة التي تعتمدها المقاومة نصرا اكيدا بالنقاط وليس بالضربة القاضية كما قال سماحة الشهيد الكبير السيد حسن نصر الله وتتطلب منا الصبر والتضحيات . وهنا نسأل هل هناك من بديل لمواجهة العدوان سوى الاذعان والاستسلام ؟ وهل ترك لنا العدو وأعوانه خيارا آخر سوى المقاومة؟
نشير في الختام الى تأثير الضربة الإيرانية المرتقبة لإسرائيل والرد الإسرائيلي عليها ولتأثير نتائج الانتخابات الاميركية على الوضع في غزة ولبنان.د
تحية الى الشعب الفلسطيني في غزة الذي يتعرض لابشع المجازر في التاريخ المعاصر وخصوصا ما يجري في شمال القطاع وخصوصا في جباليا وبيت لاهيا ويصر على المقاومة وعدم الاذعان للعدو رغم الشهداء والدمار
تحية لمجاهدي المقاومة الإسلامية الأبطال في جنوب لبنان الذين يصنعون مستقبلنا وكرامتنا وازدهارنا
تحية للناس في مناطق النزوح الصابرين على الضيم والخسائر والتضحيات. هذا خيارنا الوحيد الذي تركوه لنا وسوف نبقى عليه إلى أن ينجلي هذا الليل بأقرب وقت
