أحمد مصطفى یكتب: المال السیاسي ھو كل شيء في الغرب
قد یقول البعض: لماذا المال السیاسي في الغرب فقط؟ وھل لا یوجد في الجنوب أو الشرق؟ والإجابة بكلتأكید نعم موجود – ولكن ما یشاع عن الغرب كذبا ھو “الدیموقراطیة والشفافیة”، إلا أنھا أیضا مبنیة على مالسیاسي فھنا لا فرق بین شرق وغرب – كلنا في الھم سواء.
والحافز على كتابة ھذا المقال – ھو مقال اقتصاد سیاسي أمریكي كتب منذ أیام في موقع ذا ھیل تحت عنوان”مع إلون ماسك كمثال – ھل یمكن ان نعدل تشریعات الرئاسة الأمریكیة؟”
ولأن كل من تناولوا شان إلون ماسك من قریب أو من بعید اھتموا فقط بالخبر والخاص بشراءه لمنصة تویترإحدى منصات وسائل التواصل الإجتماعي الأشھر في العالم وعلاقة ھذا فقط بـ حریة التعبیر.
إلا أن النظرة الأعمق والتي وردت في المقال أعلاه، وخصوصا مع ولوج ترامب للرئاسة الأمریكیة ـ كـرجل اعمال خارج العمل السیاسي التقلیدي، وانفاقھ ما یقرب من ١٠٠ ملیون دولار في الحملة الأولى أماممنافستھ ھیلاري – وضعف ھذا المبلغ في منافستھ القویة مع بایدن.
أصبح من السھل للمال السیاسي أن یقلب الموازین وخصوصا لو ساند ھذا المال منصة إعلامیة عالمیة مثلتویتر یمكنھ من خلالھا بث أفكاره ومعتقداتھ وتقلیب الرأي العام لصالحھ ولصالح مشاریعھ والضغط علىالرأي العام الأمریكي بل والنظام الأمریكي بشكل ما أو بآخر للحصول على ما یرید.
لأنھ ما استشراء النیولیبرالیة، و النزعات الاستھلاكیة في الغرب، ومع النجاح في زراعة الفزاعات داخلیا(الاشتراكیة والشیوعیة او أصحاب البشرة السمراء أو من خلال وباء) خارجیا (الإرھاب – روسیا والصین -الإسلاموفوبیا) للإبقاء على نظام على نفس النظام الأمریكي دون أي تغییر.
یمكن لأي ثري وحتى لو لم یكن أمریكي الأصل، وخصوصا اذا كان لدیھ فكر مختلف، ورؤیة ولدیھاستثمارات ناجحة، تتمثل في “تسلا والعملة الرقمیة وحالیا تویتر” أن یؤثر في الحیاة السیاسیة الأمریكیة بلوالعالمیة.
تحدث كاتب المقال السید/ دوجلاس ماكینون عن ضرورة تغییر الدستور الأمریكي للسماح بمثل ھؤلاءالنافذین للترشح سواء للرئاسة أو كنائب للرئیس الأمریكي لكي تستفید منھم البلاد على خیر وجھ، لأن كونھجنوب إفریقي الأصل یحمل الباسبور الأمریكي، ھذا یمنعھ من الترشح لھذه المناصب.
وھنا ربما یتم استغلال اللوبیات في سیناریو تخیلي للقیام بھذه التعدیلات الدستوریة في السنوات المقبلة یسمحلھ بالترشح ربما ٢٠٢٨ بناءا على مبدأ البرجماتیة وكونھ أغنى رجل في العالم حالیا.
حیث ربما یكون كاتب ھذا المقال من ھذا الجانب – وھنا وكما جرت العادة لن یتم انتخاب الأفضل في أمریكاأو في الغرب، ولكن فقط الأكثر نفوذا والأكثر مالا، والذي یمكن ان یكون لدیھ على الأقل ١٠٠ ملیون دولارلتغطیة تكلفة المؤتمرات والحملات الإنتخابیة (في أمریكا).
انا شخصیا لا أصدق كیف انتخب الشعب الفرنسي المفترض انھ مثقف (ماكرون) بالرغم من خطایاه: رئیسمھزوز یخدم أمریكا – ینتمي الأولیغارشیة – عدل قانون العمل لصالح رجال الأعمال – خدع أصحابالسترات الصفراء على مدار ٣ سنوات – وأخیرا تعرض للنصب من قبل استرالیا وامریكا في صفقةالغواصات.
فلا تفسیر لذلك سوى المال السیاسي مرة اخرى، وندلل على ذلك بما قیل في 2017 عن ماكرون، وكذلكتلقیھ تمویلات من الشرق والغرب، ولیس موضوع الیمین المتطرف لأن ماكرون یمیني بالفعل، بل وأعادنشر الرسوم المسیئة للرسول الكریم بدعوى “حریة التعبیر”، ھذا الأمر الذي انتقده بوتین من قبل.
ربما یكون إیلون ماسك ھو النموذج الأمریكي المقبل، وخصوصا بعد فشل المرضى من كبار السن في إدارةالبلاد (ترامب وبایدن)، وھذا لیكون ھذا النموذج في مواجھة رؤساء أصغر سنا، وأكثر في القدرة العقلیةأمثال (بوتین) في روسیا، و(تشي) في الصین و(رئیسي) في ایران.
حیث توجد مواجھة فعلیة تدور في أوكرانیا ما بین بوتین من ناحیة، إیلون ماسك من ناحیة اخرى بسببتزوید الأخیر لأوكرانیا بمنظومة أقمار صناعیة (ستارلینك) للحصول على انترنت سریع وبـ إلحاح أوكراني.
وإلى الآن لدى ماسك تخوف من محاول ضرب روسیا أو الصین تلك المنظومة التي تتكون من ٢٠٠٠ قمرصناعي وعزل أوكرانیا سیبریا، كما حدث سابقا منذ عدة أشھر، وبالتالي خسارة سریعة جدا للناتو للحربھناك.
ولھذا یتصدر إیلون ماسك المشھد الغربي حالیا، لإلھاء المواطن الغربي وخصوصا الأمریكي عن تبعاتالعملیة الروسیة داخل أوكرانیا، وتقدم بوتین استراتیجیا واقتصادیا.
حیث ان خبراء الاقتصاد في الغرب وفي الصحافة المتخصصة أمریكیا، وخصوصا في مجال الطاقة، قدرواحجم مكاسب روسیا یومیا منذ دخولھا في ھذا النزال مع الناتو في أوكرانیا بـ حوالي ملیار دولار یومیا.
وھذا یفسر عدم قدرة دول الغرب مجتمعین، وعلى رأسھم أمریكا، الاستغناء عن النفط والغاز الروسي حالیا.وكذلك الأمر لا یتعلق بكذبة “حریة التعبیر” في الغرب، والتي تم فضحھا أثناء الأزمة الأوكرانیة، واتضحالفرق للمطلعین ما بین الصحافة المكتوبة في الغرب من ناحیة، والمنصات وقنوات التلفزة من ناحیة اخرى،تلك الأخیرة التي منعت كافة المعارضین في الظھور لا لشيء الا لتشویھ روسیا فقط ووصمھا طول الوقت
بالعدائیة.
وكذلك فشل الغرب من خلال معاھده البحثیة ومدارسھ الاقتصادیة من تقدیم أي علاج لمشاكل العالمالاقتصادیة وھذا منذ كارثة الكساد المالي في ٢٠٠٨ والتي أظھرت سوءات الغرب الاقتصادیة وعجزه فيحل أي شيء وسیطرة النموذج الأمریكي بالرغم من فشلھ على اوروبا وكلنا شاھدنا ما حدث لـ (إیسلندا).
فأصبحت حتى أطروحات الدكتوراه في الاقتصاد في الغرب لا تعبر عن وضع حلول لمشاكل العالم، ولكنمجرد حرب نظریة عبثیة ما بین منظرین یتسمون بـ البلاھة الاقتصادیة لأغراض النشر والزمالة.
وبعدت كل البعد عن حل المعضلات الكونیة الاقتصادیة عدا الترویج لـ نموذج اقتصادي نیولیبرالي فشلأمامنا في ٢٠٠٨، ولا زال یتسبب في إفشال اقتصادیات العالم، والمشكلة أن وسائل الإعلام في العالم عدا فيروسیا والصین وإیران تمتنع من التعرض لھذه الفاجعة. ولدینا أدبیات كثیرة تؤكد ھذه الفكرة ومن موظفینسابقین في مؤسسات مالیة دولیة وأكادیمیین.
وفي النھایة لا زلنا نؤكد أن إیلون ماسك یمثل “اقتصاد الفقاعة”، وفي حال تھكیر الانترنت في الغرب كماحدث سابقا في شھر نوفمبر ٢٠٢١، تھوي ھذه الشركات، والتي تقدر أسھمھا بـ قیمة سوقیة مبالغ فیھا الىالحضیض. أو في حال استبدال محركات البحث الغربیة بمحركات شرقیة أكثر أمانا تصون خصوصیاتنا كماناقشت مع الصدیق محمد فراج صاحب برنامج في المعادلة على فضائیة المیادین الإخباریة.
