
آمال واهمة على مرحلة واعدة
عن الآمال الواهمة المعلّقة على مرحلة واعدة في لبنان.
د. عبد الإله شميس.
لا أرغب أن أبدو متشائمًا إزاء ما يجري، بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف نوّاف سلام رئيسًا للحكومة، لكن التّفاؤل بمستقبل زاهر للبنان ينطوي على سذاجة بالغة. كما أنّ من غير السّوي توقّع نتائج إيجابيّة كبيرة، لناحية بناء دولة قانون ومؤسّسات فاعلة في المرحلة المقبلة، بغض النّظر عمّن يكون في سدّة المسؤولية وبمعزل عن نزاهة المسؤولين وكفاءاتهم وحسن نواياهم من عدمها.
تصدر هذه النّظرة نتيجة عاملين اثنين:
أولهما، أن البنية السياسية الطّوائفية لا تزال القاعدة التي يرتكز عليها النّظام السّياسي.
فهذه البنية السّياسية الطّوائفية هي مصدر لولادة النّزاعات والصّراعات الطّوائفية بشكل دائم، التي لا تنطفئ نارها، وإن خفّ وهجُها بين حين وآخر.
وثانيهما، خضوع غالبية القوى السّياسية اللبنانية لمشيئة الدول، وخاصة أميركا والسعودية بدرجة أولى، والسير وفق إملاءاتها ومطالبها وتنفيذ سياساتها الاقتصادية ورسم علاقات لبنان الخارجية، واستراتيجيته اتجاه اعتداءات العدو الإسرائيلي وسبل مواجهتها ومقاومة احتلاله لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
ولن تتأخّر صدمة المتفائلين والحالمين بمستقبل ورديٍّ في لبنان، عندما تتفشّى وتطفو سريعًا على المسرح نزاعات الطوائف والقوى السياسية، حول توزيع الوزارات في الحكومة وحصصها في تعيينات موظّفي الإدارات العامة، وخاصة موظّفي الفئة الأولى، وحول القرارات والتوجّهات السياسية الكبيرة في فترة قريبة، وهذا ما سبق انتخاب رئيس الجمهورية جوزيف عون وتكليف رئيس الحكومة ورافق ذلك، ولا يزال جاريًّا على قدم وساق في السّر والعلن.
ولا يوجد لهذه المعضلة التي يرزح لبنان تحتها سوى حلّ واحد، يتمثّل بإلغاء هذا النّظام السياسي الطّوائفي ودفنه، دون أسف عليه، واعتماد مبدأ الكفاءة والأهلية لمن يتبوّأ سدّة المسؤولية في المواقع الرّسمية، بغض النظر عن الانتماء الطّائفي والسياسي.
وإذّاك، يمكن فقط للطّوائف أن تستغني عن الاستقواء بالخارج والاستعانة به، في صراعاتها البينيّة، بهدف تعزيز نفوذها وزيادة مكاسبها في القرارات السياسية وحصصها في الإدارات العامة. ويمكن حينها فقط نزع فتيل استقواء الطوائف بالخارج على الدّاخل، وتوظيفه في نزعاتها المستدامة.
